◄من يستخدمون الكمبيوتر يعرفون جيِّداً معنى هذا العنوان.. فعلى لوحة المفاتيح يوجد زران: الأوّل Ctrl والثاني Z إذا ضغطتهما سوياً تستطيع التراجع عن (آخر خطأ) فعلته والعودة لآخر نقطة للبدء من جديد.. فلو أخطأت مثلاً بكلمة أو حذفت جملة أو قمت بإجراء خاطئ فما عليك سوى ضغط هذين الزرين (في معظم البرامج) لتصحيح الخطأ والعودة لوضعك السابق.. ومجرد وجودهما على لوحة الكمبيوتر يمنح الإنسان قدراً كبيراً من الثقة والجرأة لفعل ما يريد كوني (مهما أخطأت في عملي) يمكنني دائماً التراجع للخلف (حتى مئة مرّة) وإلغاء أخطائي والبدء مجدداً من أي مرحلة أريد!!
لهذا السبب كثيراً ما تمنيت لو كنت أملك مثل هذين الزرين في حياتي بحيث أتراجع عن أخطائي وأمحوها من ذاكرتي وتاريخي وأبدأ حياتي من جديد!!
وسؤالنا لو كان لدينا مثل هذين الزرين في حياتنا فما هي الأخطاء والأسرار والقرارات التي سنتراجع عنها ونمحوها من تاريخنا وذاكرتنا وسجلنا الشخصي!؟
الجواب بطبيعة الحال يهمنا كثيراً.. ولكن بما أنّنا لن نتقابل وجهاً لوجه، ولأن لا أحد يرغب بإخبارنا بأسراره الحقيقية؛ سنحاول في الأسطر التالية طرح خيارات عامة يتمنى التراجع عنها أغلب الناس.
فعلى سبيل المثال:
لو عاد بنا الزمان للوراء هل سنختار نفس المهنة والوظيفة؟
وماذا عن الحياة الزوجية هل سيضغط أحد الزوجين على Ctrl + Z؟
وما هي الإساءة التي لا نستطيع نسيانها أو غفرانها للآخرين؟
وما هو الانتقام الذي وددنا لو لم نفعله وتمنينا لو غفرنا لفاعله!؟
ولو كانت لدينا فرصة لتغيير عادة واحدة سيِّئة في حياتنا فماذا ستكون؟
وما هي الكلمة التي ندمنا على قولها يوماً لأحد والدينا؟
ما هي الحادثة المشينة التي وقعت في طفولتنا ونتمنّى محوها بـ"Ctrl + Z"!؟
وما هي السمعة التي يعرفها الناس عنا ونتمنى إلغاءها من ذاكرتنا؟
وما هي السنة أو الفترة الزمنية التي نتمنى إلغاءها من ذاكرتنا؟
ومن هو الشخص الذي نتمنى لو لم نقابله أو نتعرف عليه في حياتنا؟
ومن هو الصديق الذي خسرناه ونتمنى عودة علاقتنا معه؟
وما هو الموقف المحرج أو المشين الذي نتمنى لو لم يشاهدنا فيه أبناؤنا؟
وإلى أي عمر بالضبط نفضل العودة لبدء حياتنا من جديد؟
وما هو التصرف الذي نتمنى لو لم يفعله معنا والدنا في طفولتنا؟
وماذا عن الأمر الذي حلفنا فيه كذباً أو تمنينا لو لم نشهد فيه زوراً؟
وما هو الذنب أو المعصية التي نتمنى محوها من سجلنا السماوي؟
وما هي أسوأ طباعنا التي نود التخلص منا باستعمال Ctrl + Z؟
وماذا عن العادة أو الطبع الذي نود لو لم يأخذه عنا أولادنا؟
وأخيراً، ما هو الشيء الذي تمنينا لو عرفناه بعد تخرجنا من الثانوية!؟
مثل هذه الأسئلة من شأنها تجريد ذواتنا ومواجهة أنفسنا بما نحاول دفنه ونسيانه.. ومن البديهي أنّه لا يوجد في الدنيا شيء يدعى Ctrl + Z كون حياتنا وأفعالنا تسير دائماً إلى الأمام ولا يمكن بأي حال الرجوع للخلف لتصحيح ما حدث.. وحتى لو افترضنا قدرتنا على السفر عبر الزمن لتصحيح الماضي والبدء بطريقة مثالية ستجردنا هذه القدرة السحرية من طبيعتنا الإنسانية التي تتأرجح دائماً بين الحزن والفرح، والنجاح والفشل، والفوز والهزيمة (وكلّ بني آدم خطاء وخير الخطائين التوابون)!!
ولأنّه لا يوجد شيء يدعى Ctrl + Z لا يستحق منا الماضي سوى واحد من ثلاثة:
إما الغفران.. أو النسيان.. أو التعلم من الأخطاء.►
مقالات ذات صلة
ارسال التعليق